من أجل سوريا

**من أجل سوريا**


أقف بذهول في هذه الحجرة المليئة بالصخب
يفقدني صوت النحيب ثقتي بنفسي
ينسيني من أكون
وأنا أقف ها هنا ...
أتأمل المحتضرين من حولي ...
كتلميذ بليد
***

أنسى ..
أمام مواجع وطن ..
تنزف جراحه ذلا وهوان
أمام مواجع وطن ..
تفوح من حوله عفن الرجولة
رجولة طلقها ذكور العرب ....
***

فلتعذرني أيها الوطن ..
فأنا مجرد فتاة .. تعيقها أنوثتها
يصم آذانها عن أنينك .. ضعف تكوينها
لا تملك لك .. سوى عينين تتأملان آلامك
تتأملان .. اغتصاب الإنسانية على ربوعك
تتأملان .. عرضك المنتهك ببشاعة
***

تجيئني يوميا أيها الوطن ..
تتلوى ألما على أسرة المستشفى
تجيئني .. نازفا لشرف ..
لطخ ..
سال .. وتدفق ..
من بين فخذي طفلة !!...
طفلة .. لم تعرف بعد معنى الشرف
فترتجف أناملي الخبيرة على وقع خافقها المتذبذب
أصارع الثواني والأنفاس
في محاولة يائسة لاستفزاز قلبها الصغير
لكن ..
لما تراني أود إنقاذها ؟!!
أما كان أرأف لها لو سلمتها لحنان قبر يضمها بين أضلعه
***

تخبو ترانيم أنينها الطفولي من حولي
وتشتد غريزة البقاء حرارة في صدري
إلا أن طفلتي الصغيرة كانت تتحدى جهودي كلها
توجع قلبي بصمتها .. بسكونها .. باحتضارها المريح ..
***

أعود ...
وأقف ببلادة أمام براءتها الموءودة
تتساقط أدمعي الغزيرة ..
لتمطر رأسها
لتغسل دماءً أخرى
عبثت بخصلات شعرها الناعم
أخفت بخطوطها الحمراء الدامية .. معالم وجهها الحبيب
وتتستر على تلك البراءة المشوهة في مقلتيها
***

وداعا يا طفلتي ..
وداعا .. أيتها الميتة الحية في رحاب الرحمن
وعذرا ..
على وحشية ..
"صمتنا"
***